(¯`·._IJZIM_.·´¯)
WelcoM BacK......NwrtnA YA 3'ALE
BTMNA MNAK TSGEL M3NA W TFEDNA MEN M3LOMATAK W TSTAFED MEN MWADE3NA

WeB MasteR
!2aMoOoR!


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

(¯`·._IJZIM_.·´¯)
WelcoM BacK......NwrtnA YA 3'ALE
BTMNA MNAK TSGEL M3NA W TFEDNA MEN M3LOMATAK W TSTAFED MEN MWADE3NA

WeB MasteR
!2aMoOoR!
(¯`·._IJZIM_.·´¯)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قرية اجزم : لبيب قدسية

اذهب الى الأسفل

قرية اجزم : لبيب قدسية Empty قرية اجزم : لبيب قدسية

مُساهمة  حمزة صبحي حمزة الأحد يناير 30, 2011 3:44 am

سقوط (قرية اجزم) ــ قضاء حيفا بأيدي العصابات الصهيونية
لبيب قدسية



في ضحى يوم الإثنين27 / 7 / 1948 م ، الموافق 26 / رمضان / 1368 هجري ... سقطت ( قرية اجزم ) بأيدي القوا ت اليهودية النظامية ، والمنظمـــات الصهيونيـــة العسكريـــة . التي دخلت إلى القرية المحاصرة منذ ثلاثة أشهر من بعــد سقوط (مدينة حيفا )، وبعـــد مرور ثلاثة أيام على احتلالهم لقريتي (جبع وعين غزال) ، التي دمرت القوات اليهودية كل بيوتهمــا تدميراً كاملاً عندما سقطتا في تاريخ 24 / 7 / 1948 م... قرية اجزم ( الحمامة البيضاء ) : أعلنت ألإذاعة ألإسرائيلية باللغة العبرية في ذلك اليوم المشؤوم ، نبأ سقوط (قرية اجزم) بقولها: [ لقد أسقطنا ــ الحمامة البيضاء ــ وكسرنا جناحيها ] ، وكانوا يقصدون فــــي عبارة (الحمامة البيضاء ) قرية اجزم ، و ( جنا حيها ) قريتي جبع وعين غزا ل .. ولم تدخل القوات اليهودية إلى قرية اجزم ، إلا بعد أن تأكد لديها أن القرية خــــالية مــــن المسلحين ، حيث كان آخر المقاتلين المنسحبين من القرية ، هما المناضلان البطـــلان : ( يوسف مفلح الفياس ومحمد ألإنجليزي )* وقد شاهدتهما بنفسي عندما وصلا إلى البياره وهما يمتطيان جوادين أصيلين ، ويحملان أسلحتهما وذخيرتهما ، وهـرولت مسرعا نحوهمــا مع جموع الأطفال والنساء والشيوخ الذين فوجئوا بوجودهم معنا ، وعندمـا تجمــع النــــاس حولهم ، سأل ( يوسف الفياس ) بعض النسوة ، عن الطريق الذي سلكـه المسلحون أثنـــــــاء انسحابهم ، فأشرن له على الطريق الشرقي الذي يصل قرية اجزم بقرية ( أم الزينات ) ... وقبل مغادرتهما لساحة البيارة ، أحضرت لهما بعض النساء دجاجتين مسلوقتين ، وأكثر من عشرين بيضة مسلوقة ، وكمية من الزيتون والخبز وقربتين من المياه ، وقـــام الجميـــع بتوديعهما مرددين أدعيتهم المعهودة قائلين : (الله معكم الله يحميكم ، ديروا بالكم من غدراليهود) وغادر المناضلان البيارة فـــي الساعـــة العاشرة من تلك الليلة السوداء ، وظلت الجموع المحتشدة في مكان الوداع ، رافعة أياديهـا وهي تلوح بها مودعة لهذين المناضلين ... وأمضينا بقية ساعات هذه الليلة في حالة من الرعب والخوف والقلـــق والترقب اليائس لما سيحدث لنا في الصبا ح المجهول ، وظل معظم المتواجدين في هذه البيارة ساهرين طــول الليل دونما راحة أو نوم ، وهم يترقبون بزوغ الفجر ألآتي من الظلا م ، بنفوس منهارة فــــي أقصى حدود الإنهيار والضيا ع ... وما أن أطل نور الصباح الباكر ، حتى استيقظ الجميع على صوت طائرة تحلق فوق البيارة فارتعب كل من فيها من الأطفال والنساء والشيوخ المسنين ، وأخذت تحوم فوق المنـــــاطق المحيطة بالبيارة ، والقت قنابلها المحرقة على السفوح الشرقيـة للمنطقة ، تمشيطا لها مـــــن المسلحين المناضلين ، وانزال الخوف الرعب في قلوب المتواجدين داخـل البيا رة ، وعندمـــا تأكدوا من عدم وجود المقاتلين حول البيارة ، اختفت الطائرة من فوقنا ... وبعد نصف ساعة تقريبا من انتهاء الغارة الجوية ، شاهدنا مجموعــات عسكريـــة تتقدم نحونا من سفح ( جبل شنا ) الواقع غربي البيارة ، وعبر الطريـق الترابي الذي يصل البيارة بالقرية ، وأسرع الجميع مرعوبين إلى داخل سور البيارة وأغلقــوا الباب الرئيسي عليهم ، وأخذوا ينظرون إلى الجنود الذين يتقدمون الينا ، من فوق سور البيا رة ... وعندما اقتربت المجموعات اليهودية من محيط البيارة ، أطلقت العيارات النارية فــــي الهواء ، ومن فوق رؤوس المتواجدين فيها ، لإثارة الفزع والخوف والـــرعب فــي قلوبــــهم أثناء تطويق البيارة من كا فة الجها ت . وعندما أحكمت هذه المجموعات سيطرتها على محيط البيارة ، تمركز عدد مـــن الجـنـود على البوابة الرئيسية ، كما انتشرت أعداد أخرى على جانبي الطريق الذي يؤدي الــى البلـــد وأعلنت القوا ت الأسرائيلية ( بمكبرات الصوت ) وباللغة العربية المكسرة قائلين : " أخرجوا جميعكم من البيارة الى الطريق الرئيسي ، وبسرعـــة دون أن يتخــلف أحـــد منكــم ، حاملين معكم أطفالكم وكل ما تستطيعون حمله من الطعام والماء والملابس ، أسرعــوا فورا لأن كل من يتأخر عن الخروج من البيارة سوف يقتل ، أسرعوا ولا تتأخروا " ... وحملت النساء أطفالهن الصغار ، ومشى الأولا د والشيوخ الى الطريق المحدد بالأوامر حاملين معهم كل ماخف وزنه من الطعام والشراب والأمتعة والملابس وأخذ عـدد من الجنود في تفتيش كل شخص تفتيشا دقيقا ، وكانوا يركزون على الأسلحة بالدرجة الأولــــى ، ثم على أعمار الشيوخ التي تقل أعمارهم عن خمسين سنة ، وألأولاد التـــي تزيد أعمـــارهــم عــن خمسة عشر سنة ، وكل من وجدوه مخالفا لهذه الشروط يعرض نفسه للأعتقا ل أو الموت . واصطف الناس في طابور طويل ، يقدر عددهم بحوالي ( 4000 ) آلاف شخــص ، كلهم من النساء والأ طفال والمسنين والمرضى ، يحيط بهم الجنود الإسرائيليون من الجـــــانبـين وصدرت ألأوامر بالتحرك نحو القرية ، ومر الموكب الحزين من جانب ( جبل شنا ) باتجــــاه ( مدرسة القرية) ، وشاهد الناس جثتين في ساحتها الرئيسية مغطاة بأكياس مـــــن البلاستك الأسود ، وتهامس النساء والرجال حول هذين الشخصين ، وقـد عرفهما بعض الرجال من أهالي قرية إجزم ، وهما الشهيدين ( عوض السرية وحسين توفيق العالم ) .. ثم تابع الموكب سيره الى داخل البلد ، حتى وصل الى منطقة ( المقيل ) في وسط القريــة ، حسب التعليمات التي يصدرها الجنود الصهاينة ، وشاهد الناس جثة ثالثة ملقاة فــــي وسط المقيل ، وقد تعرف البعض على صاحبها فكان هو المدعو ( حسين أبو خريش ) مـــن عائلـة (البلا لطه ) ... واستمر الطابور في مسيره نحو الغرب ، حتى وصلنا الى (جا مع القرية) عبر الشارع الترابي التي تحيط به أشجا ر ( الصبر ) الكثيفة من الجانبين ، وعندما وصل رأس الطابور إلى بداية ( المقبرة الغربية ) صدرت ألأوامر بإيقاف الطابور للتفتيش مرة ثانية ، قبل الدخول الـــى منطقة ( البير الغربي ) ، وأثنا ء وقوفنا عبر شارع الجامع ، شاهد العديد مــن الناس بعض البنادق ، وصناديــق الذخيرة والقنــابل اليدويــة الملقاة بين ألواح الصــبر المتشابكـــة بعــضها ببعض ، فخــافـــت النساء ، وأوصين أولادهن بعدم التكلم عن أي شيء يرونه حولهـم ، أو الإتيان بحركـــات يرتاب منها الجنود الصهاينة وتلفت انتباههم... وجرت عملية التفتيش الدقيقة هذه المـــرة ، لكنهم ركزوا اهتمامهم علـــى مصادرة القطـــع الذهبية والأوراق النقدية ، ونهبوا كل ما وجدوه مع النساء من الحلي والمجوهرات والذهــب : كالخواتم والأساور والعقود والحلق والخلاخيل والجنيهات وغيرها . وبعد انتهاء التفتيش الثاني ، أمروا الناس بالجلوس تحت أشجار الزيتون الرومي قـــــرب ( البير الغربي ) ، حتى يتمكن الناس من نشل مياه الشرب وتغسيل وجوههم وقضــــاء بعض حاجاتهم الأخرى ... والذي لفت نظري كطفل لا يتجاوز عمري في ذلك الوقت عن ثمان سنوات ، هو أن معظـم الصبايا قد لطخن وجوههن بمادة ( الشحا ر) السوداء ، لتمويه وجوههن وتبشيعها ، حتـــى لا يلفتن نظر الجنود الصها ينة والعنا صر ( الدرزية ) التي كانت معهم ، وذلك خوفا من اعتدائهـم عليهن .. وأثناء وجودنا تحت أشجار الزيتون قرب ( البير الغربي ) سمعنــا صراخ امرأة تبكـــــي وتنوح وتلطم على وجهها ، وهي تردد قولها ( لقد نسيت ابني في البيارة نائما ، وحملت المخدة بدلا منه دون أن أعي ماذا أحمل ، وأسرعت كالمجنونة عائدة الى البيارة مع بعض النسوة ، الا أنها منعت من مغادرة المكان عند الحاجز ، وعندما توسلت النساء الى الضابط المسؤول عــن القوة اليهودية ، سمح لها بالذهاب الى البيارة برفقة اثنتين من النساء، على أن يحضرن الطفل ويعدن فورا بدون تأخير ، وذهبن مسرعات الى البيارة ، وعدن الى مكان التجمع مـع الطفل الذي وجدته أمه ما يزال نائما لا يدري ماذا يدور من حوله .. وشاهدنا ونحن مازلنا تحت أشجار الزيتون الوارفة الظلال ، أعدادا من الشاحنات التي كانت تمر من قربنا متوجهة الى البلد وهي فارغة ، وتخرج من البلد محملة بألأثاث والطحين والحبوب المختلفة الأنواع ، لقد نهبوا كل شيء في قرية اجزم ، ونحـــن ما زلنا فيهــا ، وكان الناس ينظرون الى هذه الشاحنات بألم وحسرة وبكاء مرير، حتى قاربت الشمس على المغيب . ثم فوجيء الجميع بعدة باصات قادمة من منطقة ( وادي الحنو ) التي تقع جنوبــي القرية ، وهي تقف على شكل الرتل العسكري في المنطقة التي نتجمع فيها ، وبلغ عددها أكثر من مئة باص ، معظمها من شركة ( إ يجــد ) اليهودية ، وشركة باصا ت ( نمره 1 ) العربية في مدينة حيفا ... وبعــد وقوف الباصات على الطريق الترابي الذي يصل الى الشارع المعبد فــــــي ( وادي الحنو) ، أحاطت السيارات العسكرية بقافلة الباصات من الجانبين ، و كنا ننظر اليهم بخــوف وهلع شديدين ، وأدرك الجميع بأن ساعة الرحيل عن قريتنا إجزم ) قد أزفت ، وحان أوانها . وقد بدأت المرحلة العصيبة من القلق والخوف والضياع ، مــــن المصير المجهــــول الذي يداهمنا ويشردنا عن أرضنا الحبيبة ( فلسطين ) ...
اخراج العائلا ت من القرية :
عند مساء ذلك اليوم الأسود الحزين ، أعلنت القوات اليهوديـــة بمكبرات الصوت إلى جميع الناس المتواجدين تحت أشجار الزيتون ، للتحرك فورا الـــى الباصات المتوقفة علـــى الطريق ، دون أن يتركوا أحدا من أطفالهم ، أو شيئا من أمتعتهم ... وتحركت الجموع المنهكة الخائرة من الإرهاق والجوع وقلة النوم ، إلى الباصات التــي كانت محاطة بأعداد كثيفة من الجنود الصهاينة والدروز ، ووقف جنديين على كل ( باب ) من أبواب الباصات للتفتيش ( للمرة الثالثة ) في هذا اليوم الرهيب .. وكا نوا لا يدخلون أي شخص الى الباصا ت ، الا بعد أن يفتشوه تفتيشا دقيقا ، ويتأكــــوا من وضعه ( كذكر أو أنثى ) ومن عمره وكل ما يحمله من أشياء ، حتى توزعت جميع العائلات على الباصات المتوقفة أمامها ، ولم يبق أحد من الناس تحت أشجار الزيتون الحزينة ... وقد استغرقت هذه العملية قرابةالساعتين من الزمن ، وبعدها صدرت الأوامر الى جميـــع سواقي الباصات ، بتشغيل محركاتها استعدادا للتحرك ، وأخذ جميع الناس يبكون بحــــرقــة وألم ، وهم يلوحون بأيديهم مودعين قريتهم الحبيبة قائلين : " بخاطرك يا بلدنا العزيـــزة ، بخاطرك يا إجزم ، الوداع الوداع ، بإذن الله سنعود اليك عن قريب ، لا تحزني ولا تبكـــــي سنرجع اليك منتصرين " ... وتحركت الباصات في قافلة واحدة من قرية اجزم نحو الشارع الرئيسي ( حيفا ـــ يافا ) وسارت عليه فترة من الوقت نحو الجنوب ، ثم انعطفت القافلة إلى الشرق دون أن يعرف أحد منا إلى أين تتجه تلك الباصات اللعينة ، وكان الليل هادئا ودامس السواد ، وساكنا كسكـــــون الأموات في المقابر ، وكان لا يكسر هذا الصمت الرهيب المرعب ،الا بعض( تناويح النساء) وبكاء ألأ طفال الصغار .. وفي منتصف هذا الليل البهيم ، توقفت القافلة بين أحدى الحقول المزروعة بالذرة الصفراء التي كان يصل ارتفاعها إلى مستوى شبابيك الباصات ، وسمحوا لنا بالنزول مـــن الباصات لغرض قضاء الحاجات ، فاندفع الناس نحو ( عرانيس الذرة الصفراء ) وأخذ وا يقطفونهــــا ويأكلونها نيئة من شدة الجوع ، وجلبوا معهم كميات منها إلى الأشخاص الذين لـــم يتمكنوا من مغادرة الباصا ت ... وبعد هذه الأستراحة التي دامت ساعة واحدة فقط ، أمروا الناس بالصعود إلى الباصات بسرعة دون أن يتأخر أحد ، وكل من يتخلف بين المزروعات أو يتعمد البقاء علــــى الأرض فانه يعرض نفسه للموت ، وصعد الجميع إلى الباصات دون أن يتخلف أحد .. ثم تحركت القافلة بعد ذلك بسرعة بطيئة حتى ينقضي الليل ، وما أن بزغ الصباح في اليوم التالي( وهو يوم الاثنين 27 / 7 / 1948 م) وظهرت الشمس الباكية من مشرقها حتى فوجي الناس بمكبرات الصوت ، التي تدعوهم إلى الصحيان من النوم ، والنزول من الباصات فورا ودون تأخير ، وشاهدنا أعدادا كبيرة من الجنود المدججين بالسلاح والقنابل ، وأعدادا من ( الجبا ت ) العسكرية المزودة بالرشاشات والجنود الذين كانوا يحيطون بنا من كل جانب ، وعرف بعض الكبار في السن ، أن هذه القرية التي نزلنا فيها ، هي قرية ( اللجون ) التي تمر منها قنا ة للمياه ، فهجم الجميع الى القنا ة ليشربوا ويغسلوا وجوههم ، وأذكر أن شيخا من شيوخنا الكبار في السن ، انحنى نحو هذه القناة ليشرب منها ، ولكنه لم يرفع رأسه ثانية وصاح من كانوا بقربه ( لقد مات الزلمه ياناس ) ولم يستطع أحد منا أن يرفعه من القناة ، وظل مكفيا على وجهه حتى غادرنا منطقة اللجون ، ولا ندري ماذا حل به بعد ذلك ... وصدرت الأوامر الى جميع الناس بالتحرك نحو قرية ( زلفه ) قضاء جنين التي ما زالت تحت سيطرة الجيش العراقي ، وحلقت فوقنا طائرة صغيرة ، على ارتفاع منخفض ، لترعب الأطفال والنساء والشيوخ ، وتدفعهم إلى الإسراع في المسير نحو المنطقة العربية ، كمـــــــا رافقت الموكب سيارات الجيب العسكرية من الجانبين ، وهي تطلق النار من فوق رؤوسنـــــا وتعلن بمكبرات الصوت قائلة : " أسرعوا أسرعوا ، بعد نصف ساعة كله بموت " ... ولا أستطيع وصف حالة الرعب التي كانت مسيطرة على نفوس الناس ، وسط صرخات النساء التي تملأ الأجواء ، وبكاء الأطفال وأنات الشيوخ ، وهم يجرون أنفسهم جرا من الإرهاق والتعب والخوف .. وعندما اقتربنا من قرية ( زلفه ) ، تركنا جنود العدو عائدين إلى قرية ( اللجون ) التـــــي كانوا يسيطرون عليها ، واستقبلنا عدد من ( الجنود العراقيين ) الذين كانوا ينشلون المياه من البئر القريبة من قرية زلفه ، ويسقون كل من يصل إليهم من الناس ، ويستقبلونهم بألـم وحسرة على ما حل بهم من الذل والإهانة والتشريد ، ويخففون شيئا بسيطا من المصيبــــــة الكبرى التي وقعت عليهم ... وطلب الضباط العراقيون من جميع الناس ، الإستراحة في القرية تحت الشجر ، وقدموا لنا الطعام والشراب ، وحاولوا بكل طاقتهم التخفيف من معاناتنا ، والرفع من معنوياتنا التي كانت منهارة إلى الحضيض ، من قلة النوم والرعب والإرهاق والضياع ... وعند الظهيرة جاءت العديد من الباصات والشاحنات الفارغة ، لنقل الناس إلى( مدينة جنين ) والتي استمرت في نقلهم حتى مساء ذلك اليوم المشؤوم ، وكان الجنود العراقيــــــون ينظمون ركوب الناس في الحافلات حتى لا تحدث الفوضى ، ويتأذى بعض الأطفال والنساء والشيوخ ، من التزاحم والتدافع أثناء الصعود إلى الباصات ...
في مدينة جنين :
تجمعت العائلات المنكوبة في الشوارع الرئيسية حتــى جــاءت اللجــان الشعبيــة التـــي تعاونت مع الجيش العراقي في توزيع العائلات على المدارس والمعاهد والجوامع وبـــيوت المواطنين ، والبساتين والحواكير ، ومنهم من انتقل إلى القرى المجاورة ، وكان ذلك التوزيع مؤقتا للإسراع في التخفيف من المعاناة والإرهاق التي أصيب بها الناس المشردين ... وعملت اللجان ن الشعبية على توفير الطعام والشراب والبطانيـــات والفرشـــات واللحـــف والملابس الضرورية للنساء والأطفال والشيوخ ، وعندما سمع المناضلون من رجال القرى الثلاث ( اجزم وجبع وعين غزال ) بأن عائلاتهم قد وصلت إلى ( جنين ) هرعــــوا كلهــــــــم لملاقات عائلاتهم وأطفالهم وآبائهم وأجدادهم ، الذين بقوا في بيارة ( محمود المــــــاضي ). وعندما التقى هؤلاء الرجال كل بعائلته ، جرى تنقلهم حسب المكان المناسب لكل رب أسرة ، فمنهم من بقي في مدينة جنين ومنهم من رحل الى القرى المجاورة لها ، لتبدأ رحلـــة العذاب ، منذ أول يوم من أيام اللجوء والشتات ، وانتقل المجاهدون من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، وهو تأمين لقمة العيش لعائلاتهم ، وتأمين المأوى الملائم لهم ، وذلك في البحث فورا عن العمل الشريف المحترم ، بدلا من الاتكال على الغير في حياتهم اليومية ..
أسباب سقوط ( المثلث القروي) :
هنالك عدة أسباب لسقوط القرى الثلاث ( اجزم ، جبع ، عين غزال ) التي صمدت ثلاثـــة أشهر كاملة بعد سقوط مدينة حيفا وبقية القرى التابعة لها ، وأجملها بما يلي :
1 ) سقوط مدينة حيفا بتاريخ 24 / 4 / 1948 م ، وكانت الممول الرئيسي للقــــرى الثلاث .
2 ) توقيع اتفاقية الهدنة الثانية بين العرب واليهود بتاريخ 18 / 7 / 1948 م .
3 ) عدم تمكن الجيش العراقي من الاستمرار في إمداد القرى الثلاث بالذخيرة والتموين .
4 ) نفاذ الذخيرة والتموين بعد ثلاثة أشهر من الحصار .
5 ) استخدام القوات الإسرائيلية لسلاح الطيران وحشد قوات كبيرة من المشاة .
6 ) قلة أعداد المقاتلين ، وقدم أسلحتهم ، وضعف تنظيمهم ، وعدم تدريبهم عسكريا . التعليقات الرسمية التي صدرت حول سقوط القرى الثلاث :
والتي ألخصها بما يلي : ــــ أشار المؤرخ اليهودي ( بني مورس ) ، أن الهجوم اليهودي على القرى الثلاث (اجـــزم , جبع ، عين غزال ) كان على أساس أنه ( عملية بوليسية ) ضد سكان متمردين على الدولة الإسرائيلية ، ويرفضون الاعتراف بالسلطة الشرعية ، صاحبة السيادة على الأرض ، وقــــد اعتمدت هذه الصيغة المموهة ، لإخفاء حقيقة كونها خرقا لاتفاقية الهدنة الثانية بين العرب واليهود ، وسميت هذه العملية باسم ( شوتير ) وتعني بالعبرية ( الشرطة ) ، ولكنهـــا كانت عملية عسكرية ( مئة بالمئة ) ، حيث تم قصفها بالطيران الحربي وبالمدفعية وتمـــت السيطرة عليها بعد يومين من بدء المعركة ، بتاريخ 26 / 7 / 1948 م . ــــ أطلع وسيط الأمم المتحدة ( الكونت فولك برنادوت ) إلى مجلس الأمن لاحقا ، على أن القوات الإسرائيلية ، قد هاجمت القرى الثلاث ( اجزم ، جبع ، عين غزا ل ) في 18 / 7 /48 مع بدا ية ( الهدنة الثانية )، وأن الهجوم الجوي والبري قد استغرق سبعة أ يام متواصلة . ــــ أما وكالة ( أسو شيتد برس ) الصادرة في 26 / تموز / 1948 م ، فقد ذكرت " أن الهدنـــة الفلسطينية ، قد اخترقت نتيجة الهجوم التي قامت بـــه الطائرات الإسرائيليــــة ومشاة الجيش الإسرائيلي على ثلاث قرى عربية هي ( اجزم ، جبع ، عين غزال ) . ــــ ولاحظ مراسل ( نييورك تايمز ) في 30 / تموز / 1948 م ، أن الوضع أصبــــح هادئــــــا بفضل المساعي العاجلة التي بذلها ( مراقبوا الأمم المتحدة ) ... بينما صرح هؤلاء المراقبـون إلى وكالات أخرى " أن الوضع كان خطير جدا في هذه القرى . ــــ وذكر المؤرخ اليهودي ( بني مورس ) في كتابه عن الحرب العربية الإسرائيلية قائلا : " إن من بقي حيا من سكان القرى الثلاث ، أرغموا على الرحيل نحو الشرق . ــــ وذكر الكونت برنادوت ، أنه في شهر حزيران 1948 م حاول سكا ن ( القرى الثلاث )التي كانت محاصرة ، التفاوض مع اليهود ، ولكن مفاوضاتهم قد فشلت ، وأن أكثر من (8000) شخص طردوا من منازلهم ، وإنهم يبحثون عن ملاذ لهم في منطقة ( جنين ) . ــــ وصرح الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك " أن أكثر من ( 4000 ) شخص تحولوا إلى لاجئين ، وأن حوالي (1000 ) شخص غيرهم قتلوا أو أسروا في أثناء الهجـــوم علــــى القرى الثلاث ث . ــــ وذكر تحقيق أولي من الأمم المتحدة ، أنه عثر على ثلاث جثث لأشخـــاص قتلوا داخــــل قرية اجزم ، كما ذكر التحقيق أيضا ، أنه في شهر أيلول / 1948 م أي بعد شهرين من سقوط القرى الثلاث المذكورة ، " أن ألأشخاص ص الذين قتلوا بعد آخر معركة مع ( القرى الثلاث ) كان حوالي ( 130 ) شخصا . ــــ وفي 13 / 9 / 1948 م ، أصدر( الكونت برنادوت ) أمرا إلى إسرائيل ، بإعادة سكــــــان القرى الثلاث ( اجزم ، جبع ، عين غزا ل ) إلى قراهم ، وترميم بيوتهـــــــم المتضررة وإعادة بناء البيوت المدمرة ، وذلك لأنه تم احتلالها بعد الهدنة الثانية ، ولكن الإسرائيليون رفضـــوا أوامره ، ثم جرى( اغتياله) بعد ذلك . ــــ وجاء في كتاب الأستاذ ( وليد الخالدي ) ــ كي لا ننسى ــ وعلى لسان بعض قادة اليهود " لقد كانت قرية اجزم إلى جانب قريتي جبع وعين غزال ، جزءا من منطقة مثلثة تقع جنوبي حيفا ، صمدت في وجه الهجمات الإسرائيلية حتى أواخر شهر تموز / 1948 م . ــــ وذكر في كتاب تاريخ حرب الاستقلال اليهودي" أن تلك القرى الجريئة العنيدة ، لم تصمد أمام هجماتنا المتكررة فحسب ، بل إنها تمكنت مـن منع حركة مواصلاتنا عـلـــى الطــــــــريق الساحلي الذي يصل بين مدينتي (حيفا ـــ يافا) ، كما يشير هذا الكتاب إلى المحاولات الفاشلــــة في احتلال هذه القرى ، التي تواصلت من تاريخ 18 / 7 / 48 ــــ 26 / 7 / 1948 م ... البدايات الأولى للتهجير والشتات :
لقد خرج سكان القرى الثلاث المنكوبة ، من بيوتهم وأراضيهم وهم لا يحملون شيئا سوى الملابس التي كانوا يرتدونها فقط ، وقد أغلقوا منازلهم بالمفاتيح ، التي علقت على أعناقهم ، آملين بالعودة اليها في أسرع وقت ممكن ... وسكنت العائلات المهجرة في الكهوف والمغاور وتحت الأشجار ، وفي ال( الخرابيش ) والعرش والبراكيات و( الخصاص ) ، حتى جاءت المنظمات ت الإنسانية ، كالصليب الأحمـــــر الدولي والجمعيات الإنسانية الدولية والعربية ، ونصبوا الخيام على عجل بالقرب مـن المدن والشوارع الرئيسية ، وأخذوا يجمعون العائلات في هذه الخيام ، حتى يسهل عليهم الأمر في تأمين المساعدات الغذائية والكسائية والصحية وأدوات الطبخ الضرورية ... وبعد شهر من الانتظار المضني ، دون أن يلوح في الأفق أي بادرة للعـــودة إلى قراهــم ، ويئسوا من الوعود الكاذبة ، هبت الرجال والنساء والأطفال والشيوخ في مظاهرات صاخبة أمام قيادة الجيش العراقي في مدينة ( جنين ) ، تطالبها بالعمل فورا على إعادتهم إلى قراهـم التي هجروا منها قصريا ، حسب الوعود التي وعدتهم بها قيادة الجيش العراقي عنــــــــد بداية خروجهم منها ، فأحرجت القيادة العراقية ،لأنها كانت عاجزة عن الإيفاء بوعودها لهم، و تأزم الموقف كثيرا في منطقة جنين ، واتهموا الجيش العراقي بالتخاذل والتقاعس عــــن الواجـب القومي ، وتنادى المسلحون فيما بينهم ، وتحركوا نحو القرى المحتلة لتحريرها ، وتقـــدمـــوا إلى ( عا ره وعرعره ) وكفر راعي ، وأخذوا يطلقون النار على جنود الاحتلال الصهيوني.. وحاولت القوات العراقية أن تمنعهم بالقوة ، ولكنها لم تتمكن من ذلك ، واستخدمت أخيرا الأسلوب السياسي في إقناع المسلحين بالعودة إلى جنين ، للتفاهـــم والتنسيق والتعاون مــن أجل وضع خطة عسكرية ، لتحقيق هذا الهدف ، وعاد المسلحون إلى مدينة جنين ، حيث تــــم اجتماعهم مع القيادة العراقية التي شرحت لهم الموقف العسكري والسياسي من القضية بشكــل عام ، وأن المفاوضات والمباحثات جارية بين العرب واليهود للتوصل إلى حــل يؤدي إلى عودتهم السريعة إلى بيوتهم .... وفي هذه الأثناء من التوتر والاحتجاجات وتمييع المواقف ، حضر من العراق إلى جنين ( الوصي على عرش العراق ) الأمير ( عبد الإله ) خال (الملك فيصل الثاني بن الملك غازي) الذي كان تحت السن القانونية لتسلم الحكم ، وألقى الوصي عبد الإله خطبة هامة في جموع الناس المتواجدين في الساحة أمام قيادة الجيش العراقي في جنين ، ومعظمهم من سكان القرى الثلاث المهجرة ( اجزم ، جبع ، عين غزال ) ، وشرح لهم كافة الأوضاع العسكرية والسياسية العربية ، ومـــوقف الحكومـــــــــة العراقيــــة والجيش العراقي من هذه الأوضاع ، وحثهم على الصبر والتريث حتى تنجلي هذه الغمة ، وتتوضح الأمور بين العرب واليهود ، ونصل إلى حلول مقبولة لإعادة كل المهجريـن إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم وأراضيهم ... وطلب من سكان القرى الثلاث ، استضافتهم على الأراضي العراقية لفترة محدودة مـــن الزمن ، ريثما تحل الأزمة في فلسطين التي فوجئ العرب بها ، وبعد انتهاء الخطبة التاريخية الهامة ، طلب( الوصي ) الاجتماع ( باللجنة العسكرية المحلية ) ووجهاء ومخاتير وشيوخ القرى الثلاث ، وطلب منهم العمل على تجميع كافة العائلات المنتشرة في مدينة جنين وقراهـا استعداداً لنقلها إلى العراق ، وخاصة ( النساء والأطفال والشيوخ والجرحى والمرضى ) ، أما الشباب والمسلحين منهم ، فقد أصدرت الأوامر إلى قيادة الجيش العراقي ، ليتم التحاقهم فورا في ( فوج الكرمل ) الذي أمرت بتشكيله من مسلحي هذه القــــرى الثلاث الذين يرغبـــون بالخدمة العسكرية ، وذلك لتدريبهم وتنظيمهم وإعدادهم ليوم المعركة القادمة لتحــــرير البلاد من العصابات الصهيونية ... والتحق في ( فوج الكرمل ) أكثر من (300 ) مقاتل ، مع أسلحتهم الشخصية التي اشتروها بأموالهم الخاصة منذ اندلاع المناوشات والمعارك بين العرب واليهود .. أما عائلات المقاتلين الذين التحقوا في هذا الفوج ، مع بقية العائلات الأخـرى مــن القــرى الثلاث المنكوبة ، فقد تم ترحيلهم إلى العراق ، وبعد أسبوع من مغادرة الوصي (عبد الإله) ، جاءت قافلة من الباصات العراقية التي ترافقها سيارات عسكرية مــــن الجيش العراقي إلى مدينة جنين ، وتم تجميع العائلات من حارات المدينة والقرى المجاورة لها ، حتى بلغ عددهـم حوالي ( 7000 ) شخص ، وكلهم من سكان القرى الثلاث ، وجرى تنظيم ركوبهم فـــي الباصات التي تحركت من جنين إلى ( نابلس ) بحراسة عسكرية مشددة .. وأخذ الناس يتساءلون فيما بينهم ، لماذا إلى العراق ؟؟ الذي يبعد عن فلسطين أكثــر من 1200 كم ؟؟؟ لماذا يبعدوننا عن أرض فلسطين ؟؟؟ كيف سنعود إلى أرضنا وبيوتنا وقرانا ؟ لماذا لا نبقى في جنين أو في نابلس أو في طولكرم ؟؟؟ لماذا لا نبقى قريبين من حدود بلادنا؟؟ هل نحن مجانين حتى نقبل بذلك ؟؟؟. واشتدت التساؤلات بينهم ، حتى سيطر عليهم القلق والريبة ، وما أن وصلـــت القافلــــة إلى مدينة نابلس ، حتى تسربت العديد من العائلات بين جاراتها ،هاربة من المصير المجهول الذي ينتظرهم في العراق بعيدا عن فلسطين ، ولم يتمكن جنود الجيش العراقي من إعادتهم إلى القافلة مرة أخرى ، وتحركت القافلة بدونهم إلى منطقة الأغوار ، وكلمـــا توقفت القافلـــــة للتزود بالماء والطعام وقضاء الحاجات الضرورية ، كما تسربت العديد من العائلات فـــي تلك المناطق التي مرت عبرها قافلة الباصات ... وما أن وصلت القافلة إلى الحدود العراقية ، حتى بقي فيها حوالي ( 3000 ) شخص فقط ، (حسب إحصائيات دائرة الشؤون الفلسطينية في العراق منذ العام 1948 م ) وذلك مـن أصل ( 7000 ) شخص كانوا متواجدين في الباصات ، عندما انطلقت القافلة من مدينــــــة جنين.. وتم توزيعهم في الملاجئ والمدارس والمعاهد والفنادق وبعض العمارات الفارغة من المساكن ، في المدن العراقية الرئيسية ( بغدا د ، البصرة ، الموصل ) ... أما العائلات التي تسربت من القافلة المذكورة ، في المحطات التي توقفت بها ، فقد توزعت في المناطق التالية : ( جنين وقراها ، نابلس ، طولكرم ، طوباس ، اربـــد ، الزرقاء ، عما ن , درعــــا ، دمشق ، حلب ، اللاذقية ) ... وهكذا تشتت سكان ( المثلث القروي ) اجزم ، جيع ، عين غزال ، ولم يعـودوا الى قراهم التي هجروا منها قسرا في العام 1948 م وحتى هذا اليوم ،الذي نحيي فيه الذكـرى(61 ) لسقـوطها بأيدي العصابات الصهيونية ......



مركز الناطور للدراسات والأبحاث

حمزة صبحي حمزة
حمزة صبحي حمزة
Super Master
Super Master

عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 29/01/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى